كود اعلان

مساحة اعلانية احترافية

آخر المواضيع

جلجامش أول المصارعين والحب معركة مع ثور


محمد الحجيري

حين نذكر اسبانيا يتبادر الى الأذهان مصارعة الثيران، تلك الرياضة الغريبة التي صارت ملازمة للثقافة الإسبانية رغم الأصوات التي تنادي بوجوب إيقافها باسم حقوق الحيوان، لا سيما أن مصير الثور الذي يدخل الحلبة هو الموت بعد أن يمر بمراحل تراجيدية تهدف إلى إضعافه وإجهاده ليسهل بعد ذلك إنهاء حياته. كما تمتلئ الحكايات الشعبية بسير أبطال صارعوا الوحوش الضارية والجن والغيلان والآلهة وأنصاف الآلهة، صارع جلجامش وأنكيدو ثور السماء، وقتلاه، وصارع يعقوب «الرب» على الضفة الشرقية للأردن فصار اسمه إسرائيل. ثمة لحظة في كل مشاهد القتل والافتراس ينظر فيها القاتل والضحية في عين الآخر، يحاول القاتل فيها اختراق أعماق الضحية. بنظرة نارية كاوية، كأنه يحاول أن يفتك بذلك الشيء الذي لا تطاله الأنياب والأنصال، أو يقنع نفسه بقدرته على الفتك به.
لا شك في أن مصارعة الثيران تحمل دلالات اجتماعية وثقافية واستهوت الكثير من الرسامين والشعراء والروائيين والسينمائيين، منهم المخرج بيدرو المودوفار والشاعر غارثيا لوركا، وبيكاسو وغويا والروائي أرنست همنغواي وجان كوكتو وآخرون. رغم تناقض المواقف من مصارعة الثيران، وتعاطي البعض معها من بعد أخلاقي، فثمة من يعتبرها «مكونا حضاريا مهما»، تتجلى من خلالها طبيعة الاسباني الانفعالية، كما انعسكت في رقصة «الفلامينكو» التي تجمعت فيها معالم رقص الغجر والعرب واليهود. وتعتبر هذه الرياضة من أخطر الرياضات على من يمارسونها، إذ إن المصارع لا تتوافر لجسده الحماية الكافية من قرون الثور التي لا بد أن تكون حادة وأن يكون الثور قوياً ضخماً، أو هي صراع بين وعي الانسان و«همية» الثور. تسبق مباريات مصارعة الثيران عادة قديمة وهي إطلاق الثيران من حظائرها لتصل إلى حلبة المصارعة، ويجري الناس أمامها وهم يرتدون محارم حمراء اللون للاعتقاد بأن اللون الأحمر يثير الثور، ويتسابق الناس في الجري أمام الثيران حتى تصل إلى الحلبة. وهناك إصابات تحدث بين الناس من جراء ذلك، إلا أنهم يحبون المشاركة فيها باعتبارها طريقة من طرق الشجاعة ودرباً من دروب المغامرة.
يتولى مصارعون مبتدئون مشاغلة الثور وقيادته إلى حيث يكون المصارع الرئيسي الذي يبدأ باستفزازه (أو محاورته) بواسطة قطعة قماش حمراء (يقال إن الثور يصيبه الجنون من اللون الاحمر) في عملية تبدو كأنها اختبار للقوة بين الطرفين، المرحلة الثانية يتولى فيها فارس طعن الثور على ظهره برمح قصير في عملية تهدف إلى إحداث نزيف يستمر طوال مدة الصراع الذي يدوم عشرين إلى خمس وعشرين دقيقة لكل ثور. ثم تبدأ مرحلة أخرى يتولى فيها عدد من المصارعين إدخال ثلاثة أزواج من السهام في ظهر الثور تزيد كمية الدم النازف أصلا بسبب طعنة الرمح. ثم يعود المصارع الرئيسي إلى استفزازه مُعرضا نفسه لخطر لعله أصبح نسبياً بعد أن ضعفت قوى الثور بسبب النزيف المستمر الذي يسبب له حالة من العطش الشديد.
وتبعث المغامرة مشاعر حادة وتراجيدية في نفوس المشاهدين، وكثيرا ما يشبهها المراقبون بالنزعة الجنسية والذكورية، ولعل ذروة النزوع في لحظات المصارعة عندما يقف المصارع، راسخ القدمين، ويحدق بثبات في الثور المنطلق في اتجاه المصارع، الذي يستقبل الثور برفق وليونة، يسدل عليه قماشاً زهري اللون وأصفر، فتعم البهجة على المدرجات، لكن أي بهجة يا ترى؟ هل هي بهجة النجاة من الموت؟ ام بهجة مشاهدة الثور مصروعاً نازفا حتى الموت؟
تظلّ مصارعة الثيران ذلك الحفل البهيج الذي تحضر فيه أقدار الحياة المغلّفة بأطياف الموت. حيث تحبس الأنفاس الجمهور لحظة اللقاء بين المصارع والثور اللذين يحمل كلّ منهما رسالة الموت. وما إن تنتهي المصارعة بمصرع الثور، حتى تدخل البغال ويكون عددها نحو أربعة لجر الثور للخارج، ويكون الجزارون بانتظاره، ليتم تقطيع لحمه ثم يباع. ومصارعة الثيران هي عيد موسيقى وألوان ينتهي بإراقة دم الثور. الموسيقى التي تُعزف أثناء حفلة المصارعة هي موسيقى خاصة تشتهر بها أسبانيا، وهناك رقصات تصمم على أنغامها.
الحديث عن طقوس مصارعة الثيران لا ينتهي، ربما يقتضي التأمل في أحوال علاقة الكتاب والرسامين بهذه الرياضة الغريبة، فالشاعر نزار قباني يقول في وصف ثور أسباني في حلبة مصارعة الثيران مشبها إياه بالأنبياء:
«برغم النزيف الذي يعتريه
برغم السهام الدفينة فيه
يظل القتيل على ما به
أجلّ وأكبر من قاتليه
نزيف الأنبياء
كوريدا... كوريدا
ويندفع الثور نحو الرداء
قوياً عنيداً
ويسقط في ساحة الملعب
كأي شهيد. كأي نبي
ولا يتخلى عن الكبرياء».
وإذا كان جان كوكتو من متابعي المصارعة، فالمخرج بيدرو المودوفار يولف في فيلمه «مصارع الثيران» بين مصارعة الثيران والجنس، وبين الهمجية المفاجئة والنشوة الجنسية، ويذهب الرسام الشهير غويا فيها أبعد من هذه الرياضة المثيرة فيصوّر الجمال الشرس للمبارزة بين الإنسان والحيوان. وبالنسبة الى الشاعر لوركا ينتصر الموت دائما في الحلبة، وهو كتب بعد مقتل المصارع إغناثيو قصيدته «بكائية من أجل إغناثيو سانشيز ميخِيّاس» وهي واحدة من أروع بكائياته وهي التي يبتدرها بالأبيات:
الموت منتصر في النهاية
والثور وحده جذلان القلب!

كان إغناثيو معروفا كأحد المصارعين الكبار، رغم أنه لم يمتهن هذا الفن، إذ كان غالبا ما يترك مهنة المصارعة ليركز على اهتماماته الشخصية: الأدب و«الفلامنكو»، وقد كتب مسرحية، وكان صديقا لعدد من الأدباء. في مصارعته الأخيرة، عندما حاول ان يقف على قدميه إثر سقطة عادية، استدار الثور فجأة وغرز أحد قرنيه في فخذه وقذفه على الأرض وجرحه بشدّة. ونزف حتى الموت. وكتب الشاعر الاسباني رفائيل ألبرتي يرثيه اغناثيو:
« ... مصارع الثيران الى عنان السماء
طفل من قطيفة ومن ذهب
كيف أجهشت فرقتك بالبكاء
كيف تبكي إشبيلية
وهي تودعك بعيدا عن الثور
نهرك من شدة الحزن
يعري منابت زيتونه
ويروي عبر الرمال
الأزهار من جبهته
فلتقل لها وداعاً يا مصارعي
فلتقل وداعاً لأشرعتي
لتقل وداعاً لبحارتي
فأنا لا أريد أن أصير نهرا».
الحسناوات الغريبات
عام ,1965 خصص المغني الفرنسي، جان فيرا، أغنية عنوانها «الحسناوات الغريبات» للعبة مصارعة الثيران، جاء في احدى فقراتها: «الموت في المسالخ، الى حيث تساق الثيران، ليس خيرا من الموت في حلبات المصارعة». ويردد هواتها الحجة التي ترددها الاغنية. ومنهم ربما الادباء والرسامون الذي عشقوا مشاهدة مصارعة الثيران (أو مصارعة الموت)، فمن يطالع سيرة حياة الروائي الاميركي ارنست همنغواي يجد أن حياته تشبه مصارعة الثيران، كان يعشقها كرياضة ويعتبرها نموذجا على مواجهة الانسان للخطر وتحدي الموت بالاقتراب منه. كان النقاد والقراء يقولون ان لا أحد يجيد إحياء تراجيديا مصارعة الثيران كهمنغواي، وهو كتب يوما رسالة في مديح الثيران وتفوقها على بني البشر، يقول فيها «الثيران لا تقترض منك المال»، «الثيران لا تتوقع منك أن تتزوجها لتجعل منها امرأة فاضلة. والثيران حيوانات قابلة للأكل بعد ان تقتل». وفي الرسالة نفسها وهي موجهة الى الشاعر الاميركي عزرا باوند، عام ,1925 يقول همنغواي ان «الثيران أفضل من النقاد الأدبيين لأن الثيران لا تكتب عروضا للكتب».
تجمعت خصال كثيرة في شخصية همنغواي، عصبيته وتعطشه للحياة وحبه للجدل والنقاش وعشقه لتناول الطعام وإسرافه في شرب الخمر، كل تلك الطبائع جعلته محط الأنظار ومستهدفا بالنقد من الجميع، فقد هاجمه عشاق الطبيعة (والمؤيدون للخضر في ما بعد) لأنه كان يعشق صيد الغزلان والأسود والحيوانات البرية الأخرى مثل وحيد القرن. ويتهمه دعاة السلام بأنه من مؤيدي الحروب، لأنه شارك في الحربين العالميتين الأولى والثانية وفي الحرب الأهلية الإسبانية (1936 ـ 1939). وصحيح أنه لم ينأ بنفسه عن أي نزاع مسلح، فقد أسس في باريس عام 1944 وحدة مقاومة ضد الاحتلال النازي الهتلري، ولكنه لم يكن جنديا مقاتلا في الصفوف الأولى، بل بصفته موفدا خاصا لتغطية تلك المعارك، مثلما كان دائما، في الوقت نفسه كانت له آراء واضحة في الحرب فقد كتب «لا تعتقد أبدا أن الحرب ليست جريمة، حتى وإن كان للحرب مبرراتها».
في روايته «مات بعد الظهر» يصوّر همنغواي حياة مصارعي الثيران ويحكي فيها عن علاقته الحميمة مع اسبانيا، وفي الرواية نفسها صار همنغواي يعتني كثيراً بأسئلة الوجود، وأصبحت الفلسفة تجاور إبداعه، وكم أسقطته دون أن يدري في مستنقع المباشرة. انه حب المصارعة وسؤال الموت، وأمضى همنغواي عام 1958 بصحبة مصارعي الثيران من المقربين إليه، وفي حينها طلبت منه مجلة «لايف» الأميركية أن يكتب موضوعاً عن مصارعة الثيران بحيث لا تزيد كلماته عن خمسة آلاف كلمة، لكنه كتب الموضوع بـ125 ألف كلمة، وبرغم تردد المجلة في نشره عادت ونشرته كاملاً عام 1960 حيث انتهى همنغواي في العام نفسه من كتابة روايته «عيد متنقل» التي لم تنشر في حياته، وكانت آخر أعماله.
وجد همنغواي في مصارعة الثيران فرصة سانحة لدراسة لعبة بسيطة قاسية وحشية تشمل ثلاثة فصول تنتهي بالموت. وكان يرى أن موضوع الموت من أبسط الموضوعات التي يجوز للمرء أن يكتب عنها، ومن أكبرها أهمية معا. وظن أنه حين يرى الموت رأي العين فقد «يعمق حسه بالحياة والموت»، أي يحقق المعاينة الدقيقة التي كان يهدف اليها في كل ما يكتبه. قدس همنغواي الى جانب مصارعة الثيران الملاكمة واصطياد الاسود ومطاردة النساء، وكان يميل الى العنف، فكر أيضا بصيغة نضال أدبي، يظهر ذلك جلياً في رسالة بعث بها الى الروائي الاميركي وليام فوكنر: لماذا تريد في أول معركة لك أن تنازل ديستوفسكي، اضرب تورغنييف ثم أمسك بتلابيب موبسان، وجرب بعد ذلك أن تدرك ستندال، لا تقف مع المنهزمين. هذه الجملة كتبها همنغواي بعد روايته «الشيخ والبحر» يوم واجه أكبر هزيمة في حياته: عندما فقد موهبته للكتابة. كتبت مئات الصحف والمجلات يوم وفاته في 2 تموز 1961 عبارة «نهاية رجل عظيم» على صفحاتها الأولى بعد أن أطلق النار على نفسه من بندقية الصيد التي اصطاد بها مئات الوحوش والطيور، وكانت آخر رصاصاتها من نصيب الصياد نفسه آرنست همنغواي.
بيكاسو وعشق النساء
ثمة تقاطع بين بيكاسو وهمنغواي، على الاقل لناحية العبقرية وتعاملهما الفج والفاجر مع النساء، وطبعا حبهما لمصارعة الثيران. جسد بيكاسو أسطورة مصارعة الثيران من خلال رسمها بطرقه المعروفة، ففي الاعمال التي حققها عام 1935 رسم علاقته بدورا، إذ سيتماثل الفنان بصورة المينوتور الذي يتحوّل نموذجاً ومرآة لبورتريه ذاتي متعدد الأشكال. صدى لطقس مصارعة الثيران التي ولع بها بيكاسو منذ صغره، يمكن للمينوتور أن يرمز للتسلط الجنسي. ومنذ بداية علاقتهما، يُمثّل الرسام دورا على شكل مينوتور أنثى، كما في الرسم الأول الذي خصه بها والذي تظهر فيه بقرنين على رأسها وبوَبرٍ يعلو جسدها، باردة الأعصاب، تعكس الضوء بواسطة يدها المفتوحة وتتصارع مع الشمس فتعميها وتطفئها. وبسرعة تأخذ دورا في لوحات بيكاسو ورسومه ملامح عصفور أسطوري تجتمع فيه رشاقة طيران الفينيق والجرأة الملغّزة للناطقة بأجوبة الآلة، أو عصفور برأس مينوتور، كما في لوحات «العري المنجَّم» و«نساء يتبرّجن» و«المرأة والطبل».
النساء العشيقات هن مصدر من مصادر إلهام بيكاسو، لكنهن لم يكن كافيات، فقد كان يستوحي إلهامه من مصارعة الثيران والفنون البدائية الافريقية ولوحات أسلافه الفنانين وبطلات الروايات ايضا. ومن هي أفضل من كارمن لتجسيد مواضيع الحب والعنف والمأساة والموت التي كثيرا ما نجدها في أعماله؟ ولدت تلك الشخصية الخيالية في رواية فرنسي يدعى بروسبير مريمي، واشتهرت عن طريق تقديمها في الاوبرا من جانب جورج بيزيت الذي لم تكن تعني له الكثير. لكن بالنسبة لبيكاسو المايسترو الاسباني الذي قضى معظم حياته في فرنسا كانت كارمن تلك الغجرية القادمة من سيفيل المدينة الاسبانية شخصية مفعمة بالفخر والإثارة والعواطف. وقد عكس بيكاسو صورة «كارمن» تلك في روح شخصية فلوبيرت مع السيدة بوفاري، وبالتأكيد فلقد جعلها ملكا له. عرّف بيكاسو عند ذكره قصة مريمي، كارمن على أنها شخصية قصصية لا أكثر خلال مناسبتين في أواخر حياته، بينما كان يبدو في أكثر الاحيان انه يستوحي من روحها عندما يصور المرأة التي يحب والمرأة التي يتخيل. وتظهر الجوانب الشبقية في تصويره لكارمن في لوحة «بيكاسو ـ كارمن: سولي سومبرا»، ويشير العنوان الثانوي للوحة «السولي سومبرا» الى الشمس والمناطق المظللة من حلبة مصارعة الثيران التي كان فيها بيكاسو يشير من خلالها الى أقصى معاني الحياة المجسدة في كارمن.
كثيرا ما عبّر بيكاسو في لوحاته عن مصارعة الثيران، ليس لأنه معجب بهذا الحدث (الذي كان دائما ما يرتاده في ارليس جنوب فرنسا) فحسب، بل ايضا لأنه كان يستخدمه كتشبيه للغريزة الحيوانية المحركة للافعال الانسانية التي لم يتنصل منها. نرى ذلك واضحا جدا في ميريمي وبيزيت: حيث تقتل كارمن خارج ساحة سيفيلي لمصارعة الثيران على يد عشيقها المهجور دون جوسي، في الوقت نفسه الذي يقتل فيه المصارع عشيقها الجديد ثورا داخل الساحة.
مصارعة الثيران عبارة عن مراسيم جنسية بالنسبة الى بيكاسو الذي دائما ما كان يصور نفسه بالثور أو المصارع. نشهد عشرات اللوحات من مجموعاته تظهر مصارعة امرأة عارية الصدر تواجه ثورا على شكل رجل ثائر. ويصور فيها مصارعي الثيران والنساء الاسبانيات بالزي الشعبي، ونلاحظ وضوح صورة كارمن في سلسلة لوحات مصارعة الثيران، حيث تظهر في معظمها النساء وهن يصارعن الثيران ومن ضمنهن احدى عشيقاته وهي ماري ثيريسي والتر والثور يضربها واخرى لمصارعة يقتلها الثور. وفي بعض اللوحات تصور المرأة بالحصان الذي ينطحه الثور.
وصور بيكاسو نفسه وهو يغري النساء، بالإضافة لتصويرها بمصارع الثيران والثور. في بعض اللوحات نرى المصارع مرميا خارج الحلبة ينــازع المــوت، واذا ما تطرق الشك لفكرة ان الحب ومصارعة الثيران مشــتركان بالعنف، فإن سلسلة من صور مصارعين يلقون حتفـهم في الحلبة تبدد ذلك الشك حتما.
يقول الناقد الفرنسي رولان بارت عن «مصارعة الثيران» انّها تكاد تكون رياضة، ولكنها قد تمثل الأنموذج و«الحدود» لأيّ نوع من الرياضة: أناقة الاحتفال، قواعد صارمة للمعركة، قوّة الخصم. يضيف بارت: «كل الرياضة الحديثة هي في هذا المشهد الآتي من عصر آخر، والموروث من الأضاحي الدينية القديمة». لكن هذا المسرح هو «مسرح مزيّف» لأن الموت فيه حقيقي. هكذا تؤكد «مصارعة الثيران» أن الإنسان هو الأفضل. فالثور الذي يبدو دوماً الأقوى سيموت حتماً. فشجاعة الإنسان قائمة على الوعي: وعي الخوف الذي يقبله الإنسان بحرية وبحرية يتخطاه. ثم ان الثور لا يعرف الإنسان فيما الإنسان يعرف الثور، ويستطيع أن يقوده الى المكان الخطر. لكن السزيفية تبقى هي واجهة كل شيء، نقارع الموت وتنتهي الامور عند حتميته، وحده الموت لا يكذب، هكذا يقول أحد الشعراء.
لا ريب في أن انبهار بعض الفنانين والشعراء بمصارعة الثيران مسألة عصية على الفهم، والانهبار ليس جديداً، يعود الى العصور القديمة.

إرسال تعليق

1 تعليقات

فلسفة

مساحة اعلانية احترافية

ثقافة

مساحة اعلانية احترافية

{getMailchimp} $title={Mailchimp Form} $text={Subscribe to our mailing list to get the new updates.}

مساحة اعلانية احترافية