كود اعلان

مساحة اعلانية احترافية

آخر المواضيع

حُلو "شريهان" وإن غابت "شهرزاد"


أحمد شوقي علي | الثلاثاء 14/06/2016  
لي أن أقول إن شريهان هي "حلو التسعينات" وأصمت، فتدور الجملة غير دقيقة؛ مبهمة وجميلة في آن. فالمسألة الرمضانية ظالمة كفاية حين تكبل حضور الفنانة كعرض من أعراض النوستالجيًا، ولا تترك مخيلتك حرة كي تتبع صورها في رأسك، فتتساءل عن المميز فيها، غير ظهورها كعرض من أعراض الحنين إلى الماضي؟

كنت أود لو قلت في حينها، وقت أطلّت شريهان عبر الفوازير في منتصف الثمانينات، إنها فتاة أحلامي مثلًا، أو أن طلتها أوحت لي بالغواية، لكني كنت طفلًا مثلما كانت هي الأخرى بعد مراهقة، وكان من بؤسي أن اختفت شريهان عن الشاشة وقت أن عَنَّت لي قدرتي على قول ذلك.



تبدو سيرة شريهان الإنسانية (51 عامًا)، محملة بالمآسي -بدءًا من نضالها لإثبات نسبها من أبيها وهي بعد طفلة، مرورًا بحادث السيارة المروع الذي خلف في عمودها الفقري كسورًا خطيرة نهاية الثمانينات، ثم إصابتها بسرطان الغدد اللعابية أوائل الألفينات- حين تحاول استكشاف مدى صحة جملة "لكل امرئ من اسمه نصيب". فاسمها المركب من مقطعين، هو "شير" أي "المحبوب" بالفرنسية، و"هان" تعني "الأميرة" بتحريف تركي من كلمة "خان: الملك، الملكة" بالمغولية، فيصير معنى الاسم كاملًا: "الأميرة المحبوبة"، ويمكن للاسم أن ينطبق على طلتها التي واكبتها مع كل ظهور على الشاشة سواء كان ذلك في التلفزيون أو المسرح أو السينما، لكن قدرها أجبرها أن تختار من بين حظوظ الأميرات كلهن حظ "شهرزاد"، وذلك حين وضعها دائمًا في المواجهة مع السلطة سواء أكانت إنسانية أو من صنع القدر.

بدأت قصة شريهان كما شهرزاد بحادث عبثي. أخوها من أمها عمر خورشيد، لاعب الغيتار الشهير، كان مصابًا بحمى البحر المتوسط، المرض الذي كان خطيرًا وقتها، جعل أمها تخشى عليه من الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية، إذ هي تزوجت فأنجبت له أخًا ذكرًا، ما دفعها لأن تجعل زواجها سريًا من المحامي أحمد عبد الفتاح الشلقاني، أبو شريهان، ولما مات الرجل قضت شريهان طفولتها في نضال طويل مع المحاكم لإثبات صحة نسبها، فعائلة أبيها التي يشتغل معظمها بالقضاء كاد أن يجعل إثبات النسب مستحيلًا لولا أنها نجحت في النهاية. وحين حاولت أمها أن توجهها دراسيًا لتصبح محامية تتباهى بها أمام عائلة أبيها، أصرت شريهان على الاستمرار كفنانة، وبعد أن تألق نجمها عاليًا رغم حداثة سنها، ثارت شائعات حول وقوع ابني مبارك جمال وعلاء في حبها، وأن الأول تقدم لخطبتها فعليًا وقوبل طلبه بالرفض، ووثقت الصور حضوره للعديد من بروفات تصوير فوازير "ألف ليلة وليلة"، والثاني ارتبط ذكره بالحادث المروع الذي كادت تروح ضحيته نهاية العام 1989، وأقعدها العلاج من تبعاته أكثر من سنتين، ولما عادت شريهان إلى السينما هذه المرة أكثر قوة وقدمت أعمالًا بارزة أحدها هو "عرق البلح" مع الراحل رضوان الكاشف، هاجمها شبح السرطان فأقعدها عن العمل منذ العام 2002 حتى الآن.


وظلت صورة شريهان طوال مشوارها الفني الذي قدمت خلاله نحو 54 عملًا، تتغير متخلية عن دلع المراهقة الذي واكبها سنوات طويلة لتكون أكثر اتساقًا مع ما يمكن أن تعبّر عنه صورة "شهرزاد"، غير أن وجهها عندما تشكل كـ"أميرة قوية الإرادة" أخفاها المرض فجأة، ليفوتنا وطوال 14 هي فترة غيابها، أن نرى صورة المرأة الجميلة في الفترة التي تُدوخ فيها العقول، لتفاجئنا الثورة في يناير 2011، وشريهان وسط المشهد في ميدان التحرير، لكنها هزيلة هذه المرة، أكل السرطان من حسنها جانب خدها الأيسر، وكادت الصورة أن تستمر وتنتشر، لولا مقاومة شريهان نفسها، التي لم ترد أن تخفي علتها بقدر ما أرادت الحفاظ على صورتها الأخيرة في عقل المشاهد. ولم يكن غريبًا على الإطلاق أن تظهر خلال مقابلتين أجرتهما مع قناة "العربية" -خلال فترة المد الثوري- مرة من ظهرها وأخرى بجانب وجهها الأيمن –الجانب الذي لم يطاوله المرض. لتعود فتنسف صورة المرض تلك، بوجه باهر الحُسن حين نشرت، منذ عام أو يزيد، جلسة تصويرية في إطار استعدادها للعودة مجددًا إلى التمثيل، ولم تبد في أي منها أي ملامح للأميرة المحبوبة، وإنما حوت ملامح وجها كل ما يمكنه أن يدل على صورة "الملكة".


ورغم تأخّر مشروع شريهان الجديد والذي أعلن عنه منذ 4 سنوات، بما قد يوحي باستمرارها في اعتزال الفن، إلا أنها ستبقى "حلو التسعينات" وللمتلقي المعنى واسع يوفقه في خياله كيفما شاء.
- See more at: http://www.almodon.com/culture/2016/6/14/%D8%AD%D9%84%D9%88-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%87%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A5%D9%86-%D8%BA%D8%A7%D8%A8%D8%AA-%D8%B4%D9%87%D8%B1%D8%B2%D8%A7%D8%AF#sthash.frYUvKOM.dpuf

إرسال تعليق

0 تعليقات

فلسفة

مساحة اعلانية احترافية

ثقافة

مساحة اعلانية احترافية

{getMailchimp} $title={Mailchimp Form} $text={Subscribe to our mailing list to get the new updates.}

مساحة اعلانية احترافية